فصل: ذكر بناء المهديّة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكامل في التاريخ **


  ذكر قتل الأمير أبي نصر الساماني وولاية ولده نصر

و في هذه السنة قُتل الأمير أحمد بن إسماعيل بن أحمد السامانيُّ صاحب خراسان وما وراء النهر وكان مولعًا بالصيد فخرج إلى فربر متصيّدًا فلمّا انصرف أمر بإحراق ما اشتمل عليه عسكره وانصرف فورد عليه كتاب نائبه بطبرستان وهو أبو العبّاس صعلوك وكان يليها بعد وفاة ابن نوح بها يخبره بظهور الحسن بن عليّ العلويّ الأطروش بها وتغلّبه عليها وأنّه أخرجه عنها فغمّ ذلك أحمد وعاد إلى معسكره الذي أحرقه فنزل عليه فتطيّر الناس من ذلك‏.‏

وكان له أسدٌ يربطه كلّ ليلة على باب مبيته فلا يجسر أحد أن يقربه فأغفلوا إحضار الأسد تلك الليلة فدخل إليه جماعة من غلمانه فذبحوه على سريره وهربوا وكان قَتْله ليلة الخميس لسبع بقين من جُمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثمائة فحُمل إلى بخارى فدُفن بها ولُقّب حينئذ بالشهيد وطُلب أولئك الغلمان فأُخذ بعضهم فقُتل‏.‏

ووليَ الأمر بعده ولده أبو الحسن نصر بن أحمد وهو ابن ثماني سنين وكانت ولايته ثلاثين سنة وثلاثة وثلاثين يومًا وكان موته في رجب سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة ولُقّب بالسعيد وبايعه

أصحاب أبيه ببخارى بعد دفن أبيه وكان الذي تولّى ذلك أحمد بن محمّد بن الليث وكان متولّي أمر بخارى فحمله على عاتقه وبايع له الناس ولّما حمله خدم أبيه ليظهر للناس خافهم وقال‏:‏ أتريدون أن تقتلوني كما قتلتم أبي فقالوا‏:‏ لا إنّما نريد أن تكون موضع أبيك أميرًا فسكن روعه‏.‏

واستصغر الناس نصرًا واستضعفوه وظنّوا أنّ أمره لا ينتظم مع قوّة عمّ أبيه الأمير إسحاق بن أحمد وهو شيخ السامانيّة وهو صاحب سَمَرْقند ومَيْل الناس بما وراء النهر سوى بخارى إليه وإلى أولاده وتولّى تدبير دولة السعيد نصر بن أحمد أبو عبدالله محمّد بن أحمد الجَيْهانيُّ فأمضى الأمور وضبط المملكة واتّفق هو وحشم نصر بن أحمد على تدبير الأمر فأحكموه ومع هذا فإنّ أصحاب الأطراف طمعوا في البلاد فخرجوا من النواحي على ما نذكره‏.‏

فممنّ خرج عن طاعته سِجِستان وعمّ أبيه إسحاق بن أحمد بن أسد بسَمرقند وابناه منصور وإلياس ابنا إسحاق ومحمّد بن ا لحسين بن مت وأبو الحسن بن يوسف والحسين بن عليّ المَرْورُوذيُّ ومحمّد بن جيد وأحمد بن سهل وليلى بن نعمان صاحب العلويّين بَطَبِرستان ووقّعه سيمجور مع أبي الحسن بن الناصر وقراتكين وما كان بن كالي وخرج عليه إخوته يحى ومنصور وإبراهيم أولاد أحمد بن إسماعيل وجعفر بن أبي جعفر وابن داود ومحمّد بن إلياس

  ذكر أمر سجستان

ولّما قُتل الأمير أحمد بن إسماعيل خالف أهل سجِستان على ولده نصر وانصرف عنها سيمجور الدواتيٌّ فولاّها المقتدر بالله بدرًا الكبير فأنفذ إليها الفضلَ بن حميد وأبا يزيد خالد بن محمد المروزيّ وكان عُبيد الله بن أحمد الجَيْهانيُّ ببُستَ والرُّخَّج وسعد الطالقانيُّ بغَزنة من جهة السعيد نصر بن أحمد فقصدهما الفضل خالد وانكشف عنهما عبيدالله وقبضا على سعد الطالقانيّ وأنفذاه إلى بغداد واستولى الفضل وخالد على غزنة وبُست ثمّ اعتلَّ الفضل وانفرد خالد بالأمور وعصى على الخليفة فأنفذ إليه دركًا أخا نجح الطولونيّ فقاتله فهزمه خالد‏.‏

وسار خالد إلى كَرمان فأنفذ إليه بدر جيشًا فقاتلهم خالد فجُرح وانهزم أصحابه وأُخذ هو أسيرًا فمات فحُمل رأسه إلى بغداد‏.‏

  ذكر خروج إسحاق بن أحمد وابن إلياس

و في هذه السنة وهي إحدى وثلاثمائة خرج على السعيد نصر بن أحمد ابن إسماعيل عمّ أبيه إسحاق بن أحمد بن أسد وابنه إلياس وكان إسحاق بسَمَرْقَنْد لّما قُتل أحمد بن إسماعيل ووليَ

ابنه نصر بن أحمد فلمّا بلغه ذلك عصى بها وقام ابنه إلياس يأمر الجيش وقوي أمرهما فساروا نحو بخارى فسار إليه حمويه بن عليّ في عسكر وكان ذلك في شهر رمضان فاقتتلوا قتالًا شديدًا فانهزم إسحاق إلى سَمَرْقَنْد ثمّ جمع وعاد مرّة ثانية فاقتتلوا قتالًا شديدًا فانهزم إسحاق أيضًا وتبعه حموية إلى سَمَرْقَنْد فملكها قهرًا‏.‏

واختفى إسحاق وطلبه حموية ووضع عليه العيون والرصد فضاق بإسحاق مكانه فأظهر نفسه واستأمن إلى حموية فأمّنه وحمله إلى بخارى فأقام بها إلى أن مات‏.‏

وأمّا ابنه إلياس فإنّه سار إلى فرغانة وبقي بها إلى أن خرج ثانيًا‏.‏

  ذكر ظهور الحسن بن عليّ الأطروش

وفيها استولى الحسن بن عليّ بن الحسن بن عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب على طَبَرِسْتان وكان يلقّب بالناصر‏.‏ وكان سبب ظهوره ماذكره وقد ذكرنا فيما تقدّم عصيان محمّد ابن هارون على أحمد بن إسماعيل وهربه منه وغير ذلك ثمّ إنّ الأمير أحمد بن إسماعيل استعمل على طبرستان أبا العبّاس عبدالله بن محمّد بن نوح فأحسن فيهم السيرة وعدل فيهم وأكرم مَن بها من العلويّين وكان الحسن بن عليّ الأطروش قد دخل الديلم بعد قتل محمّد بن زيد وأقام بينهم نحو ثلاث عشرة سنة يدعوهم إلى الإسلام ويقتصر منهم على العشر ويدافع عنهم ابن حسّان ملكهم فأسلم منهم خلق كثير واجتمعوا عليه وبنى في بلادهم مساجد‏.‏

وكان للمسلمين بإزائهم ثغور مثل‏:‏ قَزوين وسالوس وغيرهما وكان بمدينة سالوس حصن منيع قديم فهدمه الأطروش حين أسلم الديلم والجيل ثمّ إنّه جعل يدعوهم إلى الخروج معه إلى طبرستان فلا يجيبونه إلى ذلك لإحسان ابن نوح فاتّفق أنّ الأمير أحمد عزل ابنَ نوح عن طبرستان وولاّها سلامًا فلم يحسن سياسة أهلها وهاج عليه الديلم فقاتلهم وهزمهم واستقال عن ولايتها فعزله الأمير أحمد وأعاد إليها ابن نوح فصلحت البلاد معه‏.‏

ثمّ إنّه مات بها واستعمل عليها أبو العبّاس محمّد بن إبراهيم صُعلوك فغيّر رسوم ابن نوح وأساء السيرة وقطع عن رؤساء الديلم ما كان يهديه إليهم ابن نوح فانتهز الحسن بن عليّ الفرصة وهيّج الديلم عليه ودعاهم إلى الخروج معه فأجابوه وخرجوا معه وقصدهم صُعلوك فالتقوا بمكان يسمّى نَوْرُوز وهو على شاطئ البحر على يوم من سالوس فانهزم ابن صُعلوك وقُتل من أصحابه نحو أربعة آلاف رجل وحصر الأطروش الباقين ثمّ أمّنهم على أموالهم وأنفسهم وأهليهم فخرجوا إليه فأمّنهم وعاد عنهم إلى آمل وانتهى إليهم الحسن بن القاسم الداعي العلويُّ وكان ختَن الأطروش فقتلهم عن آخرهم لأنّه لم يكن أمّنهم ولا عاهدهم واستولى الأطروش على طبرستان‏.‏

وخرج صعلوك إلى الرَّيّ وذلك سنة إحدى وثلاثمائة ثمّ سار منها إلى بغداد كان الأطروش قد أسلم على يده من الديلم الذين هم وراء أسفيدروذ إلى ناحية آمل وهم يذهبون مذهب الشيعة‏.‏

وكان الأطروش زيديَّ المذهب شاعرًا مفلقًا ظريفًا علاّمة إمامًا في الفِقه والدين كثير المُجون حسن النادرة‏.‏

حُكي عنه أنّه استعمل عبدالله بن المبارك على جُرجان وكان يُرمى بالأُبنة فاستعجزه الحسن يومًا في شغل له وأنكره عليه فقال‏:‏ أيّها الأمير‏!‏ أنا أحتاج إلى رجال أجلاد يعينونني فقال‏:‏ قد بلغني ذلك‏.‏

وكان سبب صممه أنّه ضُرب على رأسه بسيف في حرب محمّد بن زيد فطرش وكان له من الأولاد أبو الحسن وأبو القاسم وأبو الحسين فقال يومًا لأبنه أبي الحسن‏:‏ يا بنيّ‏!‏ ها هنا شيء من الغراء نلصق به كاغدًا فقال‏:‏ لا إنّما ها هنا بالخاء فحقدها عليه ولم يولّه شيئًا وولّى ابنيه أبا القاسم والحسين وكان أبو الحسن ينكر تركه معزولًا ويقول‏:‏ أنا أشرف منهما لأنّ أمّي

وكان أبو الحسن شاعرًا وله مناقضات مع ابن المعتزّ ولحق أبو الحسن بابن أبي الساج فخرج معه يومًا متصيّدًا فسقط عن دابّته فبقي راجلًا فمرّ به ابن أبي الساج فقال له‏:‏ اركب معي على دابّتي‏!‏ فقال‏:‏ أيّها الأمير لا يصلح بطلان على دابّة‏.‏

  ذكر القرامطة وقتل الجُنّابيّ

في هذه السنة قُتل أبو سعيد الحسن بن بَهرام الجُنّابيُّ كبير القرامطة قتله خادم له صَقلبيّ في الحمّام فلمّا قتله استدعى رجلًا من أكابر رؤسائهم وقال له‏:‏ السيّد يستدعيك فلمّا دخل قتله ففعل ذلك بأربعة نفر من رؤسائهم واستدعى الخامس فلمّا دخل فطن لذلك فأمسك بيد الخادم وصاح فدخل الناس وصاح النساء وجرى بينهم وبين الخادم مناظرات ثمّ قتلوه‏.‏

وكان أبو سعيد قد عهد إلى ابنه سعيد وهو الأكبر فعجز عن الأمر فغلبه أخوه الأصغر أبو طاهر سليمان وكان شهمًا شجاعًا ويرد من أخباره ما يُعلم به محلّه‏.‏

ولّما قُتل أبو سعيد كان قد استولى على هَجَر والإحساء والقَطيف والطائف وسائر بلاد الحرين وكان المقتدر قد كتب إلى أبي سعيد كتابًا ليّنًا في معنى مَن عندّه من أسرى المسلمين ويناظره ويقيم الدليل على فساد مذهبه ونفّذه مع الرسل فلمّا وصلوا إلى البصرة بلغهم خبر موته فأعلموا الخليفة بذلك فأمرهم بالمسير إلى ولده فأتوا أبا طاهر بالكتاب فأكرم الرسل وأطلق الأسرى ونفّذهم إلى بغداد وأجاب عن الكتاب‏.‏

  ذكر مسير جيش المهديّ إلى مصر

في هذه السنة جهّز المهديُّ العساكر من إفريقية وسيّرها مع ولده أبي القاسم إلى الديار المصريّة فساروا إلى برقة واستولوا عليها في ذي الحجّة وساروا إلى مصر فملك الإسكندريّة والفيّوم وصار في يده أكثر البلاد وضيّق على أهلها فسيّر إليها المقتدر بالله مؤنسًا الخادم في جيش كثيف فحاربهم وأجلاهم عن مصر فعادوا إلى المغرب مهزومين‏.‏

  ذكر عدّة حوادث

و في هذه السنة كثرت الأمراض الدموية بالعراق ومات بها خلق كثير وأكثرهم بالحربيّة فإنّها أُغلقت بها دور كثيرة لفناء أهلها‏.‏

وفيها توفّي جعفر بن محمّد بن الحسن الفريابيُّ ببغداد والقاضي أبو عبدالله محمّد بن أحمد بن محمّد بن أبي بكر المقدّميُّ الثقفيُّ‏.‏

  ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثمائة

في هذه السنة أُمر عليُّ بن عيسى الوزير بالمسير إلى طَرَسُوس لغزو الصائفة فسار في ألفَيْ فارس معونةً لبشر الخادم والي طَرَسُوس فلم يتيسّر لهم غزو الصائفة فغزوها شاتية في برد شديد وثلج‏.‏

وفيها تنحّى الحسن بن عليّ الأطروش العلويُّ عن آمل بعد غلبته عليها كما ذكرناه وسار إلى سالوس ووجّه إليه صُعلوك جيشًا من الرَّيّ فلقيهم الحسن وهزمهم وعاد إلى آمل‏.‏

وكان الحسن بن عليّ حسن السيرة عادلًا ولم يرَ الناس مثله في عدله وحُسن سيرته وإقامته الحقّ وقد ذكره ابن مِسكويه في كتاب تجارب الأمم فقال‏:‏ الحسن بن عليّ الداعي وليس به إنّما الداعي عليُّ بن القاسم وهو ختَن هذا على ما ذكرناه‏.‏

وفيها قبض المقتدر على أبي عبدالله الحسين بن عبدالله المعروف بابن الجصّاص الجوهريّ وأخذ ما في بيته من صنوف الأموال وكان قيمته أربعة آلاف ألف دينار وكان هو يدّعي أنّ قيمة ما أُخذ منه عشرون ألف ألف دينار وأكثر من ذلك‏.‏

  ذكر مخالفة منصور بن إسحاق

و في هذه السنة خالف منصور بن إسحاق بن أحمد بن أسد على الأمير نصر بن أحمد ووافقه وكان سبب ذلك أنّ الحسين بن عليّ لّما افتتح سِجِسْتان الدفعة الأولى على ما ذكرناه للأمير أحمد بن إسماعيل طمع أن يتولاها فوليها منصور بن إسحاق هذا فخالف أهلها وحبسوا منصورًا فأنفذ الأمير أحمد عليًّا أيضًا فافتتحها ثانيًا وطمع أن يتولاّها فوليها سيمجور وقد

ذكرنا هذا جميعه‏.‏

فلمّا وليها سيمجور استوحش عليٌّ لذلك ونفر منه وتحدّث مع منصور بن إسحاق في الموافقة والتعاضد بعد موت الأمير أحمد وتكون إمارة خراسان لمنصور ويكون الحسين بن عليّ خليفته على أعماله فاتّفقا على ذلك فلمّا قُتل الأمير أحمد بن إسماعيل كان منصور بن إسحاق بنيسابور والحسين بهرَاة فأظهر الحسين العصيان وسار إلى منصور يحثّه على ما كانا اتّفقا عليه فخالف أيضًا وخطب لمنصور بنيسابور فتوجه إليها من بخارى حموية بن علي في عسكر ضخم لمحاربتهما فاتّفق أنّ منصورًا مات فقيل إنّ الحسين بن عليّ سمّه فلمّا قاربه حموية سار الحسين بن عليّ عن نَيسابور إلى هَراة وأقام بها‏.‏

وكان محمّد بن حَيد على شُرطة بخارى مدّة طويلة فسُيّر من بخارى إلى نَيسابور لشغل يقوم به فوردها ثمّ عاد عنها بغير أمر فكتب إليه من بخارى بالإنكار عليه فخاف على نفسه فعدل عن الطريق إلى الحسين بن عليّ بهراة فسار الحسين بن عليّ من هراة إلى نَيسابور

واستخلف بهراة أخاه منصور بن عليّ واستولى على نَيسابور فسُيّر من بخارى إليه أحمد بن سهل لمحاربته فابتدأ أحمد بهراء فحصرها وأخذها واستأمن إله منصور بن عليّ وسار أحمد من هراة إلى نيسابور وكان وصوله إليها في ربيع الأوّل سنة ستّ وثلاثمائة فنازل الحسين وحصره وقاتله فانهزم أصحاب الحسين وأُسر الحسين بن عليّ وأقام أحمد بن سهل بنَيسابور‏.‏

وكان ينبغي أن نذكر استيلاء أحمد على نَيسابور وأسر الحسين سنة ستّ وثلاثمائة لكن رأينا أن نجمع سياق الحادثة لئلاّ يُنسى أوّلها‏.‏

وأمّا ابن حَيد فإنّه كان بمرو فلمّا بلغه استيلاء أحمد بن سهل على نَيسابور وأسره الحسين بن عليّ سار إليه فقبض عليه أحمد وأخذ ماله وسواده وسيّره والحسين بن عليّ إلى بخارى فأمّا ابن حَيد فإنّه سُيّر إلى خُوارزم فمات بها‏.‏

وأمّا الحسين بن عليّ فإنّه حُبس ببخارى إلى أن خلَّصه أبو عبدالله الجيهانيُّ وعاد إلى خدمة الأمير نصر بن أحمد فبينما هو يومًا عنده إذ طلب الأمير نصر ماء فأُتي بماء في كوز غير حسن الصنعة فقال الحسين بن عليّ لأحمد بن حموية وكان حاضرًا‏:‏ ألا يهدي والدك إلى الأمير من نَيسابور من هذه الكيزان اللطاف النظاف فقال أحمد‏:‏ إنّما يُهدي أبي إلى الأمير مثلك

ومثلَ أحمد بن سهل ومثلَ ليلة الديلميّ لا الكيزان فأطرق الحسين مُفحَمًا وأعجب نصرًا قوله‏.‏

  ذكر خبر مصر مع العلويّ المهديّ

وفيها أنفذ أبو محمّد عبيدُ الله العلويُّ الملقّب بالمهديّ جيشًا من إفريقية مع قائد من قوّاده يقال له حُباسة إلى الإسكندريّة فغلب عليها‏.‏

وكان مسيره في البحر ثمّ سار منها إلى مصر فنزل بين مصر والإسكندريّة فبلغ ذلك المقتدر فأرسل مؤنسًا الخادم في عسكر إلى مصر لمحاربة حُباسة وأمدّه بالسلاح والمال فسار إليها فالتقى العسكران في جُمادى الأولى فاقتتلوا قتالًا شديدًا فقُتل من الفريقَيْن جمع كثير وجُرح مثلهم ثمّ كان بينهم وقعة أخرى بنحوها ثمّ وقعة ثالثة ورابعة فانهزم فيها المغاربة أصحاب العلويّ وقُتلوا وأُسروا فكان مبلغ القتلى سبعة آلاف مع الأسرى وهرب الباقون‏.‏

وكانت هذه الوقعة سلخ جمادى الآخرة وعادوا إلى الغرب فلمّا وصلوا إلى الغرب قتل المهديُّ حُباسةَ‏.‏

وفيها خالف عروبة بن يوسف الكُتاميُّ على المهديّ بالقَيروان واجتمع إليه خلق كثير من كُتامة

والبرابر فأخرج المهديُّ إليهم مولاه غالبًا فاقتتلوا قتالًا شديدًا في محضر القَيروان فقُتل عروبة وبنو عمّه وقُتل معهم عالم لا يحصون وجُمعت رؤوس مقدّميهم في قفّة وحُملت إلى المهديّ فقال‏:‏ ما أعجب أمور الدنيا‏!‏ قد جمعت هذه القفّة رؤوس هؤلاء وقد كان يضيق بعساكرهم فضاء المغرب‏.‏

  ذكر عدة حوادث

فيها غزا بشر الخادم والي طَرَسُوس بلاد الروم ففتح فيها وغنم وسبى وأسر مائة وخمسين بطريقًا وكان السبي نحوًا من ألفَيْ رأس‏.‏

وفيها أوقع مؤنس الخادم بناحية وادي الذئاب بمن هنالك من الأعراب من بني شيبان فقتل منهم خلقًا كثيرًا ونهب بيوتهم فأصاب فيها من أموال التجار التي كانوا أخذوها بقطع الطريق ما لا يحصى‏.‏

وفيها في ذي الحجّة ماتت بدعة المغنّية مولاة عَريب مولى المأمون‏.‏

وفيها في ذي الحجّة خرجت الأعراب من الحاجر على الحجّاج فقطعوا عليهم الطريق وأخذوا من العين وما معهم من الأمتعة والجمال ما أرادوا وأخذوا مائتين وخمسين امرأة وحجّ وفيها قُلّد أبو الهيجاء عبدالله بن حمدان الموصل‏.‏

وفيها مات الشاه بن ميكال‏.‏

وفيها في ليلة الأضحى انقضّ ثلاثة كواكب كبار اثنان أوّل الليل وواحد آخره سوى كواكب صغار كثيرة‏.‏

وإلى آخر هذه السنة انتهى تاريخ أبي جعفر الطبريّ رحمه الله ورأيتُ في بعض النسخ إلى آخر سنة ثلاث وثلاثمائة وقيل إنّ سنة ثلاث هي زيادة فيه وليس من تاريخ الطبريّ والله أعلم‏.‏

وفيها توفّي إسحاق بن أبي حسّان الأنماطيُّ وإبراهيم بن شريك وأبو عيسى بن القزّاز وأبو العبّاس البرّانيُّ وعليُّ بن محمّد بن نصر بن بسام الشاعر وله نيّف وسبعون سنة‏.‏

  ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثمائة

  ذكر أمر الحسين بن حمدان

في هذه السنة خرج الحسين بن حَمدان بالجزيرة عن طاعة المقتدر‏.‏

وسبب ذلك أنّ الوزير عليّ بن عيسى طالبه بمال عليه من ديار ربيعة وهو يتولاّها فدافعه وكان مؤنس الخادم غائبًا بمصر لمحاربة عسكر المهديّ العلويّ صاحب إفريقية فجهّز الوزير رائقًا الكبير في جيش وسيّره إلى الحسين بن حمدان وكتب إلى مؤنس يأمره بالمسير إلى ديار الجزيرة لقتال الحسين بعد فراغه من أصحاب العلويّ فسار رائع إلى الحسين بن حمدان‏.‏

وجمع لهم الحسين نحو عشرين ألف فارس وسار إليهم فوصل إلى الحبشة وهم قد قاربوها فلّما رأوا كثرة جيشه علموا عجزهم عنه لأنّهم كانوا أربعة آلاف فارس فانحازوا إلى جانب دجلة ونزلوا بموضع ليس له طريق إلاّ من وجه واحد وجاء الحسين فنزل عليهم وحصرهم ومنع الميرة عنهم من فوق ومن أسفل فضاقت عليهم الأقوات والعلوفات فأرسلوا إليه يبذلون له أن يولّيه الخليفة ما كان بيده ويعود عنهم فلم يجب إلى ذلك‏.‏

ولزم حصارهم وأدام قتالهم إلى أن عاد مؤنس من الشام فلّما سمع العسكر بقربه قويت نفوسهم وضعفت نفوس الحسين ومَن معه فخرج العسكر إليه ليلًا وكبسوه فانهزم وعاد إلى ديار ربيعة وسار العسكر فنزلوا على الموصل‏.‏

وسمع مؤنس خبر الحسين وجدّ مؤنس في المسير نحو الحسين واستصحب معه أحمد بن كَيْغَلَغ فلّما قرب منه راسله الحسين يعتذر وتردّدت الرسل بينهما فلم يستقر حال فرحل مؤنس نحو الحسين حتّى نزل بإزاء جزيرة ابن عمر ورحل الحسين نحو أرمينية مع ثقله وأولاده وتفرّق

ثمّ إنّ مؤنسًا جهّز جيشًا في أثر الحسين مقدّمهم بُلَيق ومعه سيما الجزريُّ وجنى الصّفوانيُّ فتبعوه إلى تل فافان فرأوها خاوية على عروشها قد قتل أهلها وأحرقها فجدّوا في أتّباعه فأدركوه فقاتلوه فانهزم من بقي معه من أصحابه وأُسر هو ومعه ابنه عبد الوهّاب وجميع أهله وأكثر مَنْ صَحِبه وقبض أملاكه‏.‏

وعاد مؤنس إلى بغداد على طريق الموصل والحسين معه فأُركب على جمل هو وابنه وعليهما البرانس واللبود الطوال وقمصان من شعر أحمر وحُبس الحسين وابنه عند زيدان القهرمانة وقبض المقتدر على أبي الهيجاء بن حمدان وعلى جميع إخوته وحُبسوا وكان قد هرب بعض أولاد الحسين بن حمدان فجمع جمعًا ومضى نحو آمِد فأوقع بهم مستحفظها وقتل ابن الحسين وأنفذ رأسه إلى بغداد‏.‏

  ذكر بناء المهديّة

في هذه السنة خرج المهديُّ بنفسه إلى تونس وقرطاجَنّة وغيرهما يرتاد موضعًا على ساحل البحر يتّخذ فيه مدينة‏.‏

وكان يجد في الكتب خروج أبي يزيد على دولته ومن أجله بنى المهديّة فلم يجد موضعًا أحسن ولا أحصن من موضع المهديّة وهي جزيرة متّصلة بالبّر كهيئة كفّ متّصلةٍ بزند فبناها وجعلها دار ملكه وجعل لها سورًا محكمًا وأبوابًا عظيمة وزْن كلّ مصراع مائة قنطار‏.‏

وكان ابتداء بنائها يوم السبت لخمس خلون من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثمائة فلّما ارتفع السور أمر راميًا أن يرمي بالقوس سهمًا إلى ناحية المغرب فرمى سهمه فانتهى إلى موضع المصلّى فقال‏:‏ إلى موضع هذا يصل صاحب الحمار يعني أبا يزيد الخارجيّ لأنّه كان يركب حمارًا‏.‏

وكان يأمر الصُّنّاع بما يعملون ثمّ أمر أن ينقر دار صناعة في الجبل تسع مائةَ شيني وعليها باب مغلق ونقر في أرضها أهراء للطعام ومصانع للماء وبنى فيها القصور والدور فلّما فرغ منها قال‏:‏ اليوم أمنتُ على الفاطميّات يعني بناته وارتحل عنها‏.‏

ولّما رأى إعجاب الناس بها وبحصانتها كما يقول‏:‏ هذا لساعة من نهار وكان كذلك لأنّ أبا يزيد وصل إلى موضع السهم ووقف فيه ساعة وعاد ولم يظفر‏.‏

  ذكر عدّة حوادث

فيها أغارت الروم على الثغور الجزريّة وقصدوا حصن نصور وسبوا مَن فيه وجرى على

وفيها عاد الحُجّاج وقد لقوا من العطش والخوف شدّة وخرج جماعة من العرب على أبي حامد ورقاء بن محمّد المرتّب على الثعلبيّة لحفظ الطريق فقاتلهم وظفر بهم وقتل جماعة منهم وأسر الباقين وحملهم إلى بغداد فأمر المقتدر بتسليمهم إلى صاحب الشُّرطة ليحبسهم فثارت بهم العامة فقتلوهم وألقوهم في دجلة‏.‏

وفيها ظهر بالجامدة إنسان زعم أنّه علويّ فقتل العامل بها ونهبها وأخذ من دار الخراج أموالًا كثيرة ثمّ قُتل بعد ظهوره بيسير وقُتل معه جماعة من أصحابه وأُسر جماعة‏.‏

وفيها ظهرت الروم وعليهم الغثيط فأوقعوا بجماعة من مقاتلة طَرَسُوس والغزاة فقتلوا منهم نحو ستّمائة فارس ولم يكن للمسلمين صائفة‏.‏

وفيها خرج مليح الأرمنيُّ إلى مَرْعَش‏!‏ فعاث في بلدها وأسر جماعة ممّن حولها وعاد‏.‏

وفيها وقع الحريق ببغداد في عدّة مواضع فاحترق كثير منها‏.‏

وفيها توفّي أبو عبد الرحمن أحمد بن علي بن شعيب النسائي صاحب كتاب السُّنَن بمكّة ودُفن بين الصفا والمروة والحسن بن سفيان النسويُّ‏.‏

وفيها توفّي أبو بكر محمّد بن عينونة بنَصِيبين وكان يتولّى أعمال الخراج والضياع بديار ربيعة ولّما توفّي وليَ ابنه الحسن مكانه‏.‏

وفيها توفّي يموت بن المزرّع العبديُّ وهو ابن أخت الجاحظ توفّي بدمشق‏.‏

  ثم دخلت سنة أربع وثلاثمائة

  ذكر عزل ابن وهسوذان عن أصبهان

في هذه السنة في المحرم أرسل عليُّ بن وهسوذان وهو متولّي الحر بأصبهان غلامًا كان ربّاه وتَبنّاه إلى أحمد بن شاه متولّي الخراج في حاجة فلقيه راكبًا فكلّمه في حاجة مولاه ورفع صوته فشتمه أحمد وقال‏:‏ يا مؤاجر تكلّمني بهذا على الطريق‏!‏ وحرد عليه فعاد إلى مولاه باكيًا وعرّفه ذلك فقال‏:‏ صدق لولا أنّك مؤاجر لقتلتَه فعاد الغلام فلقيه وهو راكب فقتله فأنكر الخليفة ذلك وصرف عليَّ بن وهسوذان عن أصبهان وولّى مكانه أحمد بن مسرور البَلْخيّ وأقام ابن وهسوذان بنواحي الجبل‏.‏

  ذكر وزارة ابن الفرات الثانية وعزل عليّ بن عيسى

في هذه السنة في ذي الحجّة عُزل عليُّ بن عيسى عن الوزارة وأُعيد إليها أبو الحسن عليُّ بن

وكان سبب ذلك أنّ أبا الحسن بن الفرات كان محبوسًا وكان المقتدر يشاوره وهو في محبسه ويرجع إلى قوله وكان عليُّ بن عيسى يمشّي أمر الوزارة ولم يتبع أصحاب ابن الفرات وأسبابه لا غيره وكان جميل المحضر قليل الشرّ فبلغه أنّ أبا الحسن بن الفرات قد تحدّث له جماعة من أصحاب الخليفة في إعادته إلى الوزارة فسارعَ واستعفى من الوزارة وسأل في ذلك فأنكر المقتدر عليه ومنعه من ذلك فسكن‏.‏

فلّما كان آخر ذي القعدة جاءته أمّ موسى القهرمانة لتتفّق معه على ما يحتاج حرم الدار والحاشية التي للدار من الكسوات والنفقات فوصلتْ إليه وهو نائم فقال لها حاجبه‏:‏ إنّه نائم ولا أجسر أن أوقظه فاجلسي في الدار ساعةً حتّى يستيقظ فغضبت من هذا وعادت واستيقظ عليُّ بن عيسى في الحال فأرسل إليها حاجبَه وولده يعتذر فلم يُقْبَلْ منه ودخلت على المقتدر وتحرصت على الوزير عنده وعند أمّه فعزله عن الوزارة وقبض عليه ثامن ذي القعدة‏.‏

وأُعيد ابن الفرات إلى الوزارة وضمن على نفسه أن يحمل كلّ يوم إلى بيت المال ألف دينار وخمسمائة دينار فقبض على أصحاب الوزير عليّ بن عيسى وعاد فقبض على الخاقانيّ الوزير وأصحابه واعترض العُمّال وغيرهم وعاد عليهم بأموال عظيمة ليقوم بما ضمنه‏.‏

وكان قد كاتب العمّالَ بالبلاد كفارس والأهواز وبلاد الجبل وغيرها في حمل المال وحثّهم على ذلك غاية الحثّ فوصل بعد قبضه فادّعى ابن الفرات الكفاية والنهضة في جمع المال‏.‏

وكان أبو عليّ بن مثقلة مستخفيًا مُذ قُبض ابن الفرات إلى الآن فلّما عاد ابن الفرات إلى الوزارة ظهر فاشخصه ابن الفرات وقرّبه‏.‏

  ذكر أمر يوسف بن أبي الساج

كان يوسف بن أبي الساج على أذربيجان وأرمينية قد وليَ الحربَ والصلاة والأحكام وغيرها منذ أوّل وزارة ابن الفرات الأولى وعليه مال يؤدّيه إلى ديوان الخلافة فلمّا عُزل ابن الفرات ووليَ الخاقانيُّ الوزارة وبعده عليُّ بن عيسى طمع فأخَّر حمل بعض المال فاجتمع له ما قويت به نفسه على الامتناع وبقي كذلك إلى هذه السنة‏.‏

فلمّا بلغه القبض على الوزير عليّ بن عيسى أظهر أن الخليفة أنفذ له عهدًا بالرَّي وأنّ الوزير عليّ بن عيسى سعى له في ذلك فأنفذه إليه وجمع العساكر وسار إلى الرَّيّ وبها محمّد بن عليّ صُعلوك يتولّى أمرها لصاحب خُراسان وهو الأمير نصر بن أحمد بن إسماعيل السامانيُّ وكان صُعلوك قد تغلّب على الرَّيّ وما يليها أيّام وزارة عليّ بن عيسى ثمّ أرسل إلى ديوان الخلافة فقاطع عليها بمال يحمله فلمّا بلغه مسير يوسف بن أبي الساج نحوه سار إلى خُراسان فدخل يوسف الرَّيّ واستولى عليها وعلى قزوين وزنجان وأبهر فلمّا بلغ المقتدر فعله وقوله إنّ عليّ بن عيسى أنفذ له العهد واللواء بذلك أنكره واستعظمه‏.‏

وكتب يوسف إلى الوزير ابن الفرات يعرّفه أنّ عليّ بن عيسى أنفذ إليه بعهده على هذه الأماكن وأنّه افتتحها وطرد عنها المتغلّبين عليها ويعتذر بذلك ويذكر كثرة ما أخرجه فعظم ذلك على المقتدر وأمر ابن الفرات أن يسأل عليَّ بن عيسى عن الذي ذكره يوسف فأحضره وسأله فأنكر ذلك وقال‏:‏ سلوا الكتّاب وحاشية الخليفة فإنّ العهد واللواء لا بدّ أن يسير بهما بعض خدم الخليفة أو بعض قوّاده فعلموا صدقه‏.‏

وكتب ابن الفرات إلى ابن أبي الساج ينكر عليه تعرّضه لهذه البلاد وكذبه على الوزير عليّ بن عيسى وجهّز العساكر لمحاربته وكان مسير العساكر سنة خمس وثلاثمائة‏.‏

وكان المقدّم على العسكر خاقان المُفلطحي ومعه جماعة من القوّاد كأحمد ابن مسرور البَلْخيّ وسيما الجزريّ ونحرير الصغير فساروا ولقوا يوسف واقتتلوا فهزمهم يوسف وأسر منهم جماعة وأدخلهم الرَّيّ مشهورين على الجمال فسيّر الخليفة مؤنسًا الخادم في جيش كثيف إلى محاربته فسار وانضم إليه العسكر الذي كان مع خاقان فصُرف خاقان عن أعمال وسار مؤنس فأتاه أحمد بن عليّ وهو أخو محمّد بن عليّ صعلوك مستأمنًا فأكرمه ووصله وكتب ابن أبي الساج يسأل الرضى وأن يقاطع على أعمال الريّ وما يليها على سبعمائة ألف دينار لبيت المال سوى ما يحتاج إليه الجند وغيرهم فلم يجبه المقتدر إلى ذلك ولو بذل مِلء الأرض لما أقرّه على الريّ يومًا واحدًا لإقدامه على التزوير فلمّا عرف ابن أبي الساج ذلك سار عن الريّ بعد أن أخربها وجبى خراجها في عشرة أيّام‏.‏

وقلّد الخليفة الريّ وقَزوين وأبهر وصيفًا البكتمريَّ وطلب ابن أبي الساج أن يقاطع على ما كان بيده من الولاية فأشار ابن الفرات بأجابته إلى ذلك فعارضه نصر الحاجب وابن الحواريّ وقالا‏:‏ لا يجوز أن يجاب إلى ذلك إلاّ بعد أن يطأ البساط‏.‏

ونسب ابن الفرات إلى مواطأة ابن أبي الساج والميل معه فحصل بينهما وبين ابن الفرات عداوة فامتنع المقتدر من إجابته إلى ذلك إلى أن يحضر في خدمته بنفسه فلمّا رأى يوسف أنّ دمه على خطر إن حضر لخدمته حارب مؤنسًا فانهزم مؤنس إلى زنجان وقُتل من قوّاده سيما بن بويه وأسر جماعة منهم فيهم هلال بن بدر فأدخلهم أردبيل مشتهرين على الجمال‏.‏

وأقام مؤنس بزنجان يجمع العساكر ويستمدّ الخليفة وكاتبه ابن أبي الساج في الصلح وتراسلا في ذلك وكتب مؤنس إلى الخليفة فلم يجبه إلى ذلك فلمّا كان في المحرّم سنة سبع وثلاثمائة

والوزير يومئذ حامد بن العبّاس اجتمع لمؤنس عسكر كبير فسار إلى يوسف فتواقعا على باب أردبيل فانهزم عسكر يوسف وأُسر يوسف وجماعة من أصحابه وعاد بهم مؤنس إلى بغداد فدخلها في المحرّم أيضًا وأدخل يوسف أيضًا بغداد مشتهرًا على جمل وعليه برنس بأذناب الثعالب فأُدخل إلى المقتدر ثمّ حُبس بدار الخليفة عند زيدان القهرمانة‏.‏

ولمّا ظفر مؤنس بابن أبي الساج قلّد عليَّ بن وهسوذان أعمال الريّ ودنباوند وقَزوين وأبهر زنجان وجعل أموالها لرجاله وقلّد أصبهان وقُمّ وقَاشان وساوة لأحمد بن عليّ بن صعلوك وسار عن أذربيجان‏.‏